“كأَن لم يكن”؟ – محمد علي فرحات – الحياة – 12/9/2001

> وحده فؤاد كنعان يكتب في مطلع رواية حديثة هذا البيت لعمرو بن الحارث الجرهمي:

كأَنْ لم يكنْ بين الحجون الى الصفا

أنيسٌ ولم يسمَرْ بمكة سامرُ

ويضع لروايته العنوان “كأَنْ لم يكنْ” كما يضمّنها في سياق لغته الحداثية ابياتاً لأبي العلاء المعرّي… وابياتاً من الشعر بالمحكية.

فؤاد كنعان الذي توفي اول من امس واحد من رواد الرواية في لبنان، يحمل في شخصيته وكتابته روح التجديد اللغوي الذي راده اللبنانيون منذ اواسط القرن التاسع عشر، حين تخفف نثرهم من السجع والمفردات الميتة والجمل الطويلة الى حيوية في الصياغة توازي ايقاع العصر والى جمل قصيرة تحيل النثر الى حركة دائمة وتضمنه قدراً كبيراً من الضوء والشفافية.

متابعة قراءة “كأَن لم يكن”؟ – محمد علي فرحات – الحياة – 12/9/2001

جمالية اللعنة وأناقة الألم – عبده وازن – الحياة – 12/9/2001

المقدمة اليتيمة التي وضعها “شيخ الأدباء” مارون عبّود لكتاب فؤاد كنعان “قرف” عام 1947 تدل على الأثر الذي كانت تنمّ به أقاصيص ذلك الكاتب الشاب الذي كان له من العمر حينذاك ستة وعشرون عاماً. بدت تلك الأقاصيص الشابة جديدة في نظر الأديب الكبير الذي كان بمثابة المرجع في المحك النقدي، لبنانياً وعربياً. وجدّة هذه الاقاصيص التي جذبت مارون عبّود ستتجلى لاحقاً في حركة التخطي أو التجاوز التي سيحققها كنعان بجرأة ووضوح كليين في كتابه القصصي الثاني “أولاً وآخراً وبين بين” الصادر عشية الحرب اللبنانية عام 1974. وإن بدت المسافة بين الكتابين غير قصيرة بل ربما طويلة في حياة الكاتب الدؤوب، فإن الاقلال في الكتابة لن يعني إلا الاغراق في الابداع القصصي الصرف. وعرف كنعان أصلاً في كونه كاتباً مقلاً، ومتأنياً على طريقة “المتحذلقين” الفرنسيين على أن ما كان يطلّ به حيناً تلو حين كان دوماً أشبه بالحدث المنتظر. وهكذا ظل هذا الكاتب النادر الخامة واللغة، حتى أيامه الأخيرة، متأنياً وشغوفاً بل نزقاً. وكان صدور أي عمل حدثاً أدبياً لا بد من الترحاب به والاحتفال. متابعة قراءة جمالية اللعنة وأناقة الألم – عبده وازن – الحياة – 12/9/2001

رائد القصة اللبنانية رحل عن 81 عاماً . فؤاد كنعان … كاتب واقعي جمع بين النظرة الساخرة واللغة المتألقة – لطيف زيتوني – 12/9/2001

 فؤاد كنعان الذي رحل أول من أمس عن 81 عاماً كان في طليعة الذين جددوا الفن القصصيّ في لبنان. رائد ذو أثر كبير في تحديث القصة وخير وارث للمدرسة اللبنانية في النثر ابان مرحلة النهضة الثانية. ترك كنعان مجموعات قصصية عدة بدءاً بـ”قرف” 1947 وانتهاء بـ”جمهورية كان وأخواتها” 2000. هنا قراءة في عالمه.

حين كتب فؤاد كنعان مجموعته القصصية “قرف”، كتب مارون عبود مقدماً ان كنعان “يصور محيطه وحياة ذات طعمها، ولهذا أحسن وأجاد”. هذه العبارة المنشورة عام 1947 تكررت، أو تكرر مؤداها، في كتابات من استقبلوا رواية “على أنهار بابل” بمقالاتهم ومقابلاتهم. فؤاد كنعان، إذاًَ، كاتب واقعي يصور تجربته. ولكن أي واقعية هي واقعيته؟ وأي واقع يصدر عنه؟ هل هو البيئة التي عاش فيها طفولته وبعضاً من زمانه أم هو واقع خاص متحصل من بيئة الطفولة ومحيط العمل والأجواء المصورة في الكتب الكثيرة التي قرأها؟ يشجع على هذه الأسئلة آراء لفؤاد كنعان تشد مضمون الأثر الفني الى حياة صاحبه، وتعتبره اعترافاً أو شهادة على الواقع وعلى الذات:

متابعة قراءة رائد القصة اللبنانية رحل عن 81 عاماً . فؤاد كنعان … كاتب واقعي جمع بين النظرة الساخرة واللغة المتألقة – لطيف زيتوني – 12/9/2001

فؤاد كنعان الثمانيني في عزلته الأدبية . رائد القصة اللبنانية واجه السلطات على اختلافها – الحياة – سلوى البنا – 3/6/2001

تخطّى الكاتب فؤاد كنعان رائد القصة اللبنانية المعاصر الثمانيني، لكنه لا يزال مشغوفاً كعادته بـ”حرفة” الكتابة ولو متأنية. يعمل كنعان الآن على مجموعة قصصية متحدياً أحواله الصحية وموجهاً عبر الكتابة قسوة الزمن والعمر. هنا لقاء معه في عزلته التي لا يكسرها سوى بعض الأهل والأصدقاء.

> هذا فؤاد كنعان الكاتب اللبناني: خلل في دقات القلب، وضعف ودوار وأدوية كثيرة، وقلم لا يعترف بالشيخوخة أو المرض، فيواصل التمرد على صفحات الورق. ليزهر الحب في كل يوم سطراً، أو سطرين. وتضخ الحياة عطرها الفواح في عروق الصبي الذي يسكن هذا العملاق الكبير، فيواصل مشاكساته وقفشاته وتحديه قوانين الضبط والربط والحركة الرتيبة المملّة. وتخاف ان يزداد القلب عناداً، كذلك القلم، وتسقط في فخ الاثنين معاً، فهذا القلب وهذا القلم هما وجه فؤاد كنعان. يتعب القلب فنخاف على القلم، وفي خوفنا يتجسد حبنا لهذا المبدع المسكون بالألق والقلق والتجدد. معالم بارزة أسست القصة اللبنانية القصيرة ورسمت خطوطها العريضة. متابعة قراءة فؤاد كنعان الثمانيني في عزلته الأدبية . رائد القصة اللبنانية واجه السلطات على اختلافها – الحياة – سلوى البنا – 3/6/2001

الحياة – ١١ أيلول ٢٠٠١

فؤاد كنعان، رائد القصة القصيرة في لبنان رحل مساء أمس عن 81 عاماً.

أستاذ من أساتذة النثر العربي المضيء، المشبع بالجمالية والأناقة اللفظية والعمق الوجودي. قاص كان له أثره الكبير في تأسيس الشكل الجديد للقصة القصيرة في لبنان، وقبل ان يجدد في حقل الفن القصصي كان خير وارث لجيل النهضويين، لغة وأدباً.

كتابه القصصي الأول الذي صدر في العام 1947 وضع مقدمته “شيخ الأدباء” مارون عبود، وكانت بمثابة المقدمة الوحيدة التي لم يكتب مارون عبود سواها لأي كتاب، أياً كان صاحبه.

ولعل شغف فؤاد كنعان اللغوي ونزعته الى الاناقة في التعبير، والمتانة في السبك، جعلاه من الكتّاب المقلين، الذين يرفضون الاطناب والافاضة، وكان يؤثر التمهل في الكتابة متخيراً ألفاظه بدقة وجمالية، وصائغاً جمله صوغ الأساتذة الماهرين. مجموعته القصصية “أولاً وآخراً وبين بين” كانت أشبه بالحدث القصصي عندما صدرت في العام 1974. وعرفت تلك القصص بجرأة نادرة راح الكاتب يواجه من خلالها موضوعات كانت شائكة ولا تزال كالجنس والخيانة.

وله في حقل الترجمة أعمال عدة من أبرزها رواية الكاتب الفرنسي بلزاك “أوجني غرانده” وقيل انها من أفضل الترجمات التي عرفتها هذه الرواية.

كتب فؤاد كنعان الكثير من النثر الفني والمقطوعات الأدبية وأسس مجلة “الحكمة” في العام 1951، مشرعاً صفحاتها أمام الكتاب والشعراء والوافدينمن اللبنانيين والعرب. ومنهم عبدالوهاب البياتي، أدونيس، يوسف الخال وأنسي الحاج وسواهم…

وإذا كان كنعان من الوجوه التي برزت في مجلة “المكشوف” بدءاً من الاربعينات فهو استطاع ان ينفتح على الحداثة الأدبية، مائلاً الى جو عبثي ومواقف ساخرة، انطلاقاً من وعي فلسفي عميق.

المصدر